المولد النبوي في الفاشر… حب لا يُحاصر وذاكرة لا تموت
بقلم : إعتماد أحمد حسب الكريم

متابعات : تي نيوز
في مدينة الفاشر، لم يكن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف مجرد مناسبة دينية عابرة، بل كان حدثًا ينتظره الناس كما تُنتظر بشارة المطر، وموسمًا للفرح الجماعي، تتجدد فيه عهود المحبة للرسول ﷺ، ويتجلى فيه البُعد الروحي العميق لأهالي المدينة الذين لا يزال حبهم للنبي متجذرًا في تربتها وتقاليدها.
ومع بدايات شهر ربيع الأول، كانت المدينة تلبس ثوبًا جديدًا من البهجة والتوقير، فالأسواق تزدحم، والمآذن تصدح بالمدائح، والسرادقات تُنصب في ساحة المولد والأحياء القديمة والزاويا وتُقام حلقات الذكر التي يمدح فيها النبي ويردد المحبين شعر البرعي والهمزية وغيرها، والأطفال يحملون الشموع والرايات الخضراء، يتعلمون حب النبي قبل أن يتعلموا القراءة، والشيوخ يروون السيرة العطرة كما لو كانوا يعيشونها، بينما النساء يُعددن أطباق العصيدة والفتة ويوزعنها حبًا في المصطفى ﷺ.
إنها طقوس لا تُنسى… من الحلوى إلى الحنين، فمن أبرز ملامح المولد في الفاشر كانت حلاوة المولد، التي تُعرض في الأكشاك وعلى الأرصفة الفولية والسمسمية، بطعمها الشعبي المميز وعروسة المولد، رمز البراءة والفرح عند البنات وحصان السكر، هدية الصبيان المحببة، و”سُرّة المولد”، التي تُجمع فيها أنواع الحلوى وتُوزع على الجيران والأطفال، فقد كانت هذه الطقوس أكثر من مجرد مظاهر؛ كانت لغة محبة لا تحتاج لترجمة، وتعبيرًا عن ارتباط وجداني عميق بالنبي ﷺ.
لكن اليوم تغيّر كل شيء فذكرى المولد النبوي تمر على الفاشر وهي محاصرة، منهكة، مثقلة بالجراح.
غابت الزينة، وسكتت المدائح، وانطفأت الشموع… لا من قلة المحبة، بل من وطأة الحرب التي جوعت أهلها الكرماء، ولكن رغم هذا الغياب الظاهري، ما زال حب النبي ﷺ حيًا في القلوب.
في دعاء الأمهات، في تسبيح الشيوخ، في دموع من يتذكرون أيام الفرح، يعيش المولد بصمت، لكنه لا يموت.
إنها ذاكرة أمة لا تقهر… وأمل لا يخبو، ففي الفاشر، كما في كل السودان، حب النبي ﷺ لا يُقصف ولا يُحاصر، هو جزء من الشخصية، من التربية، من التراث، ومن تفاصيل الحياة اليومية، إن غابت السرادقات هذا العام، فإن الأرواح ما زالت مشتعلة بالمحبة،وإن صمتت المدائح، فإن الشوق ما زال يُرتّل في الصدور، صلوا عليه وسلموا تسليما…”
كسرة : سيعود المولد… كما يعود الضوء بعد العتمة، وستعود الفاشر لتحتفل، وستُضاء شوارعها مرة أخرى ليس فقط بالحلوى والشموع، بل بقلوب لم تفقد الأمل، لأن هذه المدينة التي عرفت كيف تحب،
ستعرف كيف تنهض من جديد.
طرابلس _ سبتمبر 2025
باقان اموم: محاكمة مشار باطلة وتشكل تهديدًا للوحدة الوطنية
جوبا : متابعات تي نيوزنقلاً عن عمق الحدث أدان تحالف الشعب المتحد (UPA) بشدة ما وصفه بـ”الم…