‫الرئيسية‬ غير مصنف الفاشر… حين يُحاصر الإنسان بالجوع وتُحاصر الإنسانية بالصمت
مقالات - ‫‫‫‏‫يومين مضت‬

الفاشر… حين يُحاصر الإنسان بالجوع وتُحاصر الإنسانية بالصمت

بقلم : إعتماد أحمد حسب الكريم

متابعات : تي نيوز

   بين شعارات الإنسانية وجوع الفاشر الممنهج يأتي التاسع عشر من أغسطس، اليوم العالمي للعمل الإنساني، محمّلًا بالشعارات البراقة التي تتغنى بالرحمة والتضامن وحماية المدنيين. لكن في مكانٍ آخر، بعيد عن قاعات المؤتمرات وبيانات المنظمات، هناك مدينة اسمها الفاشر تختصر معنى الغياب الفادح للإنسانية.

في الفاشر، لم يعد الناس يتحدثون عن رفاهية الخدمات أو تنمية المدن، بل عن البقاء. صورة الأهالي وهم يقتاتون “الأمباز” – علف الحيوانات – ليست مجرد لقطة عابرة، بل شهادة دامغة على أن الجوع لم يعد نتيجة طبيعية للحرب فقط، بل أصبح أداة ممنهجة تُستخدم لإذلال المدنيين، وتركيع مدينة بكاملها.

الحصار الذي يفرضه الدعم السريع على الفاشر لم يقطع الطريق أمام الغذاء والدواء فقط، بل قطع الطريق أمام الحياة نفسها. الأطفال الذين كان يُفترض أن ينشغلوا بالمدرسة، أصبحوا يتسابقون مع الماشية على بقايا العلف. النساء اللواتي اعتدن إعداد وجبات بسيطة لذويهن، أصبحن يفتشن في مخازن العلف ليوفرن شيئًا يسد الرمق. إنها صورة لا يمكن أن تُروى بلا مرارة، لأنها تمثل انكسار الإنسان في أبسط حقوقه: حقه في الطعام.

في اليوم العالمي للعمل الإنساني، بينما تتبارى المنظمات الدولية في إطلاق بياناتها وتصوير حملاتها الدعائية، يتساءل إنسان الفاشر: أين هي تلك الإنسانية؟ أليس من الأولى أن تُترجم هذه الشعارات إلى شاحنات إغاثة تكسر الحصار، أو ممرات آمنة تضمن وصول الدواء والغذاء؟

الجوع هنا ليس عارضًا عابرًا، بل سياسة محسوبة. جوع الفاشر هو أداة حرب بامتياز، تُمارَس في وضح النهار، في تجاهل مريب من العالم. والمأساة أن صمت المجتمع الدولي يمنح هذه السياسة شرعية ضمنية، كأن حرمان مدينة كاملة من الطعام لم يعد جريمة تستحق التدخل العاجل.

إن الفاشر اليوم لا تحتاج إلى كلمات مواساة، بل إلى فعل حقيقي يليق بكرامة الإنسان. فإذا كان العالم جادًا في احتفاله باليوم العالمي للعمل الإنساني، فامتحانه الحقيقي ليس في الخطب ولا في المؤتمرات، بل في كسر هذا الجوع الممنهج وإنقاذ أهل الفاشر قبل أن يلتهمهم الموت البطيء، لأن ذلك وحده ما يعيد المعنى المفقود لكلمة إنسانية.

كسرة : صرخة الوجع أقوى من الصمت.
كسرة تانية : يا ناس .. البطن بتصرخ، والامعاء فاضية، والصوت غايب .. والفاشر بتناديكم: وين إنسانيتكم؟

  _*طرابلس أغسطس 2025*_

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

على رأسها الهلال والاهلي مدني 12 فريقا في سيكافا

متابعات : تي نيوز/ يوسف محمد يوسف أكد المكتب التنفيذي لاتحاد شرق ووسط أفريقيا سيكافا اليوم…