أخبار

(جغم ـ عرّد – كوز – فلول – بل بس ).. مجمع اللغة يكشف أسرار ألفاظ الحرب في السودان

الخرطوم : تي نيوز

في خطوة ثقافية وعلمية متميزة، نظم مجمع اللغة العربية بالخرطوم محاضرة علمية بعنوان “الألفاظ والألفاظ المصاحبة الشائعة في الإعلام والتواصل في حرب السودان 2023–2025″، قدمها الدكتور عثمان أبوزيد عثمان، وذلك يوم الأربعاء 21 مايو 2025، ضمن سلسلة اللقاءات الثقافية التي يعقدها المجمع.

⚡تحولات دلالية ولغوية في زمن الحرب

ناقشت المحاضرة بشكل معمق التحولات الدلالية التي شهدتها اللغة المستخدمة خلال فترة الحرب في السودان، وركزت على ما وصفه المحاضر بـ”المسكوكات اللفظية”، التي لم تعد مجرد أدوات توصيفية بل أصبحت وسائل لصياغة التصورات السياسية وتوجيه الرأي العام.

وأشار الدكتور عثمان إلى أن العديد من هذه المصطلحات لها جذور عميقة في لهجة قبائل البقارة في غرب السودان، مستندًا إلى دراسة للراحل الدكتور محيي الدين خليل الريح. لكنه أشار إلى أن بعض المتورطين في الحرب لا يمثلون هذه القبائل الأصيلة، رغم اعتمادهم على ألفاظها في خطابهم.

⚡كلمات وتحولات معانٍ جديدة

من بين الألفاظ التي تم تحليلها خلال المحاضرة:

“بل بس”: تعبير يعود أصله إلى الحبل المشبع بالأوساخ المستخدم في تقييد البهائم، وارتبط فيما بعد بمن يُطلق عليهم “بلابسة”.
“جغم”: في الأصل تعني شرب الماء، لكنها في سياق الحرب اكتسبت معنى القتل السريع واليسير.
“عرّد”: تعني الهرب، وهي كلمة ذات جذور في اللغة العربية الكلاسيكية، لكن في الحرب اكتسبت دلالة خاصة على الفرار من المعركة.
“كوز”: تحولت من كلمة مدح إلى كلمة قدح تستخدم الآن في سياق هجائي سياسي حاد.

⚡البعد الثقافي والسياسي والاجتماعي للخطاب الحربي

لم تقتصر المحاضرة على مجرد رصد الكلمات، بل تناولت الأبعاد الثقافية والسياسية والاجتماعية للخطاب الحربي، وبيّنت كيف تحولت هذه الألفاظ إلى رموز صراع، وأحيانًا إلى أدوات لشيطنة الآخر.

كما بحثت في تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على انتشار خطاب الكراهية، مشيرة إلى أن بعض الألفاظ أصبحت محملة بدلالات عنف، رغم أنها كانت تُستخدم سابقًا في سياقات محلية غير عدائية.

⚡نهاية الحرب وبداية المعجم التاريخي

اختتم الدكتور عثمان حديثه بالتأكيد أن هذه المحاضرة تمثل مدخلاً لدراسة أوسع، حيث من المتوقع أن تنقرض بعض هذه الألفاظ بانتهاء الحرب، في حين سيدخل بعضها الآخر في المعجم التاريخي السوداني.

كما ختم برسالة أمل دعا فيها إلى استعادة قيم السلام والمروءة، مستشهداً بمثل شعبي دارفوري يقول فيه الطفل لخصمه: “دُقني وما تنبذني”، في إشارة إلى أن الكلمة قد تكون أقسى من الضرب.

إصدار مستقبلي ونشر رقمي
أعلنت إدارة مجمع اللغة العربية أن نص المحاضرة الكامل سيُنشر في كتاب لاحق، كما ستتاح نسخة صوتية عبر قناة المجمع على تليغرام، مع توجيه الشكر لكل من ساهم في النقاش وعمّق محتواه العلمي والثقافي.

فريق Tenews

Recent Posts

مناوي : أزمة الفاشر لن تطول وإن عزيمة الشعب ستنتصر على كل محاولات التمزيق والفتن

متابعات : تي نيوز أطلق حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، تصريحات حاسمة عبر صفحته…

4 ساعات ago

جهينة تقطع قول كل خطيب !حقيقة مشاركة مرتزقة من كولمبيا مع المليشيا

متابعات : تي نيوز ما حقيقة مشاركة مرتزقة من كولومبيا في صفوف الدعم السريع؟ في…

4 ساعات ago

أصحاب الكهف : فتية آمنوا بربهم فزادهم هدىبقلم : دكتور : جاد الله فضل المولى

متابعات : تي نيــوز في زمن الطغيان، حين كانت عبادة الأصنام هي القانون، والحق يُطارد،…

4 ساعات ago

كامل ادريس يعلن عن بشريات للسودانيين في لقائه بالقيادات الاعلامية بالقاهرة

متابعات : تي نيـوز أكد رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس أن زيارته الرسمية إلى جمهورية…

4 ساعات ago

فرض حظر التجوال بمدينة أم روابة بشمال كردفان

متابعات : تي نيـوز أعلنت السلطات الأمنية في مدينة أم روابة بولاية شمال كردفان، فرض…

5 ساعات ago

منتصف اغسطس الجاري موعد تصحيح أوراق امتحانات الشهادة الثانوية 2024م المؤجلة

متابعات : تي نيـوز أعلن الأستاذ خالد علي عثمان، مدير الإدارة العامة لامتحانات السودان، عن…

5 ساعات ago