بقلم : د. عبدالسلام محمد خير
متابعات : تي نيوز
حروب نزاعات فتن، إلى أين؟!..تذكرت حوارا متقدما عن العلاقات السودانية المصرية يبدو الآن كأنه كان إيحاء بما سيحدث.. طائرة الرئيس ترامب تهبط بعبوة من الوعود على(رياض) الحرمين الشريفين فتغير مجرى الأحداث بالكامل.. الرئيس الجديد في دمشق أطل مفسرا المفاجأة على أنها ليست فقط رفع عقوبات عن (سوريا العرب) وإنما هي تعزيز لعلاقات البلدان وقادتها.. منوها لدور السعودية ومبادرة ولي العهد الشاهقة التي استجاب لها رئيس دولة كبرى في الحال.. لقد تجلت دبلوماسية جديدة قوامها (علاقات البلدان وقادتها)..لا يربكها الزمن، ولا الحروب.
للمصادفة كان هذا محور حوار جديد عن (العلاقات الأزلية بين السودان ومصر) وهل إلى (إستدامة) من سبيل؟!..الحوار إنطلق متفائلا في أجواء ترتيبات ما بعد الحرب..إبتدرته قناة (الزرقاء) وأداره بحنكة الأستاذ مجدي عبدالعزيز مع صحفى مصري مرموق يبدو انه مطلع على خلفيات العلاقة بين البلدين.. جاء الحوار متفردا ولماحا.. كأنه تذكير بعمق العلاقة (عمليا) وبإمكانية أن تظل كذلك في الشدائد.. فى سياق الأسئلة تتجلى نزعة الإعتبار بالنماذج الناجحة والمشروعات المجربة، وما أثمرت برغم دوافع الحساسية، وما أكثرها.
ما هو(برغم وبرغم) ما أكثره أيضا.. بدء بما هو معلوم في مجال التعليم، فالزراعة وما عرف يوما وذاعت شهرته (مشروعات التكامل).. يتصدرها (النفس الشعبي) الموروث، الإعلام، الآليات المشتركة حينا بعد حين، إلى أن بلغنا عصر(المجلس الأعلى للتكامل).. يتصدره الرئيسان، مقره الخرطوم، يتقدمه من الجانب السوداني شخصية دستورية مرموقة، السفير أبو بكر عثمان، قادما من موقع وزير رئاسة مجلس الوزراء.
إياك أعني يا جارة!.. لقد أخذت دول المنطقة تتفقد أثرا لنفسها وسط أصداء زيارة الرئيس الامريكي للرياض ومفاجآتها..تجلى مفهوم (تلاقي البلدان وقادتها)على أمر فيه سلام..العالم سئم الحروب..ثم إنه شعار الرئيس الأمريكي الجديد الذى عرف حتى الآن بأنه إذا قال فعل، بنفسه، بطائرته..وبأي ثمن..ثم إنهم يقولون عنه إنه الرئيس الأمريكي الذى لم يشعل حربا - حتى الآن.
المفسرون يجتهدون.. يلاحقون في محاولة للفهم المنتج.. المعنى الأبلغ في تواتر الأحداث في فلك الرياض المبرور هو أن السلام أمر مرغوب فيه عالميا، والأولى به الأقربون.. من هو الأقرب إلى السلام المنشود في السودان اليوم، من القاهرة؟..إنها الشريك التاريخي في إبتدار مثل هذا الهيام الإقليمي والعالمي الصادح بصيغة (سلام أقرب الأقربين)؟..الوقوف مع سوريا مثال باركته الرياض وقادتها المبشرون بالقادم.
وكم من مثال يلوح.. يحق لقناة سودانية أن تفاخر بأنها منذ نشأتها عززت هذا المنحي(المثالي) في مواجهة الحرب بجمع الكلمة، بتلاقي أقرب الأقربين.. إنها ظلت وعن (رؤية بعيدة) تقارب بأريحية برامجية طاغية بين الأقارب من السودانيين والمصريين وبمشاركتهم على شاشتها النضرة.. المثال الماثل الآن هو هذا الحوار الذكي حول علاقات سودانية مصرية (مستدامة) – على بينة.. لا تزعزعها الطارئات والإنفعالات، بل تعززها.. وتعاملات أيام الحرب شاهدة..مهيئة.. تساندها تجارب سابقة محفزة، فكم بين البلدين من عناوين.. تتصدرها مشروعات (التكامل).. نماذج منتجة لعلاقة ظلت توصف بانها أزلية، وكفي.. علاقات يريدها الواقع اليوم أزلية ولكن مواكبة ومنصفة ولا تزعزعها الأحداث والإنفعالات.
بعد الحرب شهدت القاهرة نماذج جديدة للتلاقي عبر فعاليات جديدة متاثرة باريحية مصر الشقيقة، فتنامى الإحساس بما هو مشترك والظروف عصيبة .. ليت مبادرات القناة (الزرقاء) وقد ظلت طرفا في هذا التلاقي عبر برامجها لعامين مضيا تعزز (رؤية) مشتركة أطلت في ظل دعوة (تقارب البلدان والقادة) – كما أسماها الرئيس السوري.. هل تتجلى مبادرة سودانية مصرية مواكبة لتطلعات الشعبين نحو سلام آمن لا يستثني الحدود، ولا الأفئدة ؟.. الفرصة متاحة أكثر في ضوء ما حدث بعد حلقة موحية بجديد قادم، الجمعة الماضية، السابقة ليوم السلام والتقارب الإقليمي الدولي الذى هيأته الرياض.. السلام غلاب، ومبارك، ككل شيء مشترك، بلا سوء ظن.. والحمد لله.
0.. هاجس ما هو مشترك، ومقنع:
(الأمن المشترك) كان يوما قوام تجربة سودانية مصرية ضخمة عبر علاقات ثنائية شغوفة تجاه (علاقات أزلية عن يقين).. إنها تجربة (التكامل).. مسكوت عنها بعد كل صداها ذاك، فلا تكاد تذكر.. تأسست بميثاق تعاهدت فيه الدولتان بمراعات المصالح المشتركة..تجربة التكامل السوداني المصري نهضت شامخة ثم توارت في صمت دون أن تلام فيما قصرت فيه يوما.. ينقصها الآن التوثيق، للذكرى والتاريخ والإعتبار.. نشات برعاية الرئيسين ومشاركة شعبية واسعة مهدت لما سمي (برلمان وادي النيل) يعقد في العاصمتين بالتناوب، مسددا للخطى.. ومحاسبا.. فترة التكامل طواها النسيان بلا ثبت محكم لسلبياتها وايجابياتها.. من إيجابياتها المذكورة تلمسها لحاجة الشعبين ..(بطاقة وادى النيل) على كل لسان.. تُغنى عن جواز السفر و(تطيب الخاطر)..أنظر ما حدث مؤخرا والحرب تحمل الناس حملا للإتجاه شمالا مستطابا ..حيث (مِصر المُؤَمنة).. وهناك (قانون الحريات الأربع) ..تتصدره حرية التملك خاصة في مجال السكن.. مشروع جونقلي كان الأكثر جدلا وبريقا، فمجاله الزراعة، والموقع بلا نظير..إنتهت (تجربة التكامل) بقرار من جانب الخرطوم بنهاية فترة حكم الرئيس النميري.. وإستمرت نداءات الأشواق الدفينة ذاتها عبر علاقات (الأخوة) التاريخية والعائلية وما لا خلاف حوله، وهو كثير- ما زال، كما هو شأن ما بين الأشقاء في البيت الواحد وإن لازمتهم السحب العابرة.
0..(الحساسية).. مرض التكامل:
على مطار الخرطوم، رد الله غربته، تزاحم الصحافيون..كشفت الصحافة المصرية عن ما حاق بالتجربة الوليدة.. ومنه حساسيات الماضي.. برزت أقلام تسخر من كثرة السفراء في وظائف الأمانة العامة لمجلس التكامل.. تعجبوا كيف أن السفير الواحد حل محله مجموعة سفراء!.. وتحت عنوان (الحساسية مرض التكامل) كتب من يذكر بأسباب الخلافات القديمة..كانت هناك أصوات وما زالت لا تطمئن لنوايا المبادرات الثنائية الطموحة، وإن إتفقت معها ..فهل من ترياق لهذا النوع من الحساسية؟.
0..الاعلام.. والصحافة:
ظل الاعلام ابرز الروابط بين البلدين..ركن السودان وإذاعة الوادي.. والمسلسل المصري.. فى فترة التكامل ظهرت مجلة فخمة بعنوان (الوادي) شبيهة بمجلة (أكتوبر) المصرية..وكان قد عهد برئاسة تحريرها للأستاذ أنيس منصور بعد أن تنحى من أكتوبر وبقي في مكتبه بدار المعارف كمقر للمجلة الجديدة، وظل يزور السودان ويتفقد طبائع الناس والأسواق والأذواق والأقلام..المجلة شهرية حفلت بكتاب مصريين يذكرون بأمجاد السودان وجيشه في الحروب العالمية.. شارك في أسرة التحرير من الجانب السوداني الأستاذ محمود أبو العزائم، نائبا لرئيس التحرير، وكوكبة من المفكرين والكتاب منهم الدكتور إسماعيل الحاج موسى (من المنبع إلى المصب)..لا أنسى أن الأستاذ أبو العزائم كان مهموما دائما بتوازن مواد العدد.. وأن الإعلامي المثقف من جنوب البلاد، الأستاذ شول دينق أثار إعجاب الأستاذ أنيس بتوثيقه لإحدى القبايل الجنوبية الشهيرة بتقاليدها.. أبرز شول فكرة إلتفاف القبيلة حول زعيمهم وإبقائه في موقعه مدى الحياة، لكنه لا يظهر للناس حين يتقدم به العمر..هذه التقاليد أثارت في (نفس أنيس) كوامنها الفلسفية فجعل المقال بعنوان (إنهم يبعدون الزعيم خوفا على صورته)!.. إقتربت منه فى فترة تعاوني مع المجلة.. وجدته يوما شغوفا بأن أرافقه لسوق أم درمان.. يداعب المارة، يختلط بأصحاب المهن، يسامر كل من يلاقيه فكأنه صديق.. ومع المسؤولين كان حده النميري.
توقفت مجلة(الوادي) بانقطاع حبل التكامل..وكانت سبقتها مجلة باسم (وادي النيل) تصدر شراكة بين دار الصحافة ومؤسسة روز اليوسف، باشراف الدكتور عون الشريف قاسم رئيس مجلس إدارة دار الصحافة والأستاذ عبدالعزيز خميس رئيس مجلس إدارة مؤسسة روز اليوسف.. وللتاريخ بقية، كذلك الذكريات – صادقة ونبيلة.
د.عبدالسلام محمد خير
متابعات : تي نيوز وبعد أن بلغ السيل الزبا فى قضية حصار الفاشر التى طال…
وكالات : تي نيوز أعلن مندوب إيران لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، السبت، إن…
متابعات : تي نيوز كتب راصد جوي منذر احمد الحاج في منشور على صفحته الرسمية…
بورتسودان : تي نيوز دشن رئيس مجلس الوزراء، كامل إدريس انطلاق امتحانات الشهادة السودانية للدفعة…
متابعات : تي نيوز كشفت منصة القدرات العسكرية السودانية ان أجهزة التشويش التي تم العثور…
وكالات : تي نيوز أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن وجهة وزارة الخارجية الامريكية…