مقالات

الأسرار التاريخية لصمود الفاشر السلطانية (2)بقلم : قاسم الفكي

متابعات : تي نيوز/ قاسم الفكي

⚡تاريخ ميلاد الفاشر (1774م)

منذ أن اناخ السلطان الشاب(عبدالرحمن بن احمد بكر ) ركائبه وألقى عصا الترحال علي رمال (وادي تندلتي) ٠٠جمع اطنانا من الحكمة والوقار والدهاء٠٠ وصفات النخوة والشمائل والشمم ٠٠ و اداب العلوم والمعرفة والفطنة ومزجها وعجنها بتبري ورمال الوادي من اطهرها وانقاها٠ واهالها٠٠علي (ملطم دائري) عظيم السعة والاتساع وسكب عليه من فرات وزلال مياه وادي تندلتي٠٠الصائغ شرابه٠
(فضرب) منها الطوب وصنع من مونتها قوالب وبرابخ وصبات٠٠ شيد ٠٠بها قلعه والحصن٠٠(الطابية) المقابلة رهد تندلتي من الشجاعة٠٠والبسالة والاباء والشهامة وكريم الخصال و الفعال وجعل التعاليم والثقافة الدينية (مداميك) مستوية (بقدة) العظمة والتواضع؛ وموزونة بميزان ماء الذهب وخيط الايمان وصفاء النوايا ٠٠عن كل ميلان عن الحق والخط المستقيم وشيد قوائم واعمده تدعم وتقوي بناء جدران طابية الانسانية الحقة المعمشة باصالة انسان دارفور السوداني المأصل٠٠٠والتي اضحت( فاشريته) وعاصمة سلطنته؛ وقبلة العلماء والجلابة من اهل التجارة والحرف اليدوية والزراعة ٠٠

ومافتئت((الفاشر)) تدافع وتكافح وتنافح وتناضل وتقاوم بجسارة. موروثة ٠٠كل معتد آثم أثيم٠٠وكل قاتل اجير٠٠ بفوارسها وابطالها من الرجال٠٠وفتوة الشباب٠٠ وصبر وجلد النساء٠٠ميارم وحفيدات الاميرة الميرم ( تاجة بت زكريا) وما تزال تذود عن حماها وشرفها٠٠وعن كرامة وقيم وعادات وتقاليد شعبها الفاشري الابي الصنديد (بقيادتها الغربية ومشتركتها الوفية) الشعب الفاشري الذي يجيد فن ادارة الحياة والذوق الرفيع ٠٠

ومن باطن((سحارة التاريخ السوداني)) ٠٠خرجت تلك العمرة (المنواشية) الفاخرة المزخرفة باشكال والوان (البنو) والسعف الانيقة ٠ من العلاقات واعراف وصداقات الشعوب والامم ؛ حيث احتوت تلك (العمرة النجفة) علي خطابات. ووثائق كتبت بمداد من (دواية) الطهر والنقاء و (عمارى) صدق النوايا و الوفاء بالعهود٠٠
المشهد الاول؛ لقب/ الرشيد/

بنظرة استراتيجية فاحصة٠٠ وقراءة عميقة متأنية للمشهد السياسي الدولي الواقع٠٠
ارسل السلطان الشاب (عبدالرحمن بن احمد بكر) هدايا فخمة من العاج والابنوس وريش النعام وما تزخر به سلطنة دارفور من خيرات الي حضرة الجناب العالي امير المؤمنين وامبراطور السلطنة الاسلامية العثمانية التركية في(استانبول او الاستانة) من الفاشر العاصَمة السلطانية كنوع من اسس بناء جسور العلاقات بين دول العالم ومبدأ نبوي شريف( تهادوا؛ تحابوا)٠٠

وجدت هذه الهدايا القبول والرضى التام من امير المؤمنين وسلطان الامبراطورية العثمانية اكبر دول العالم حينها؛ فاصدر السلطان امير المؤمنين وخليفة الخلافة الاسلامية؛ مرسوما (فرمان) سلطانيا يمنح بموجبه٠٠(السلطان عبدالرحمن ابن احمد بكر) اعلي الاوسمة واقيَم وانبل الالقاب الامبراطورية التركية العثمانية وهو لقب(الرشيد) للسلطان (عبدالرحمن بن احمد بكر) ليصبح ويشتهر باسم السلطان (عبدالرحمن الرشيد) .

واصبحت اختام وتوقيعات السلطنة الرسمية تمهر ب(عبدالرحمن الرشيد) فاشرقت مدينة الفاشر العاصمة السلطانية كوكبا دري متلألئ البهاء٠٠ساطع الضياء٠٠ في سماء عواصم دول العالم في تلك الحقبة من القرن الثامن عشر الميلادي٠

المشهدالثاني الفاشر تخاطب القاهرة :
كانت لسلطنة دارفور علي مدى عهدها لها علاقات اقتصادية داخليا مع سواكن وبربر وبحر الغزال وبحر العرب ودوليا مع مصر وبلاد تونس الخضراء والمغرب؛ وبلاد شنقيط ٠٠وممالك غرب افريقيا و ود داي وصونغي وشرق افريقيا الحبشة ، كما كانت لها تجارة مع قارة اسيا خاصة بلاد الحجاز وحضرموت وغيرها٠

هلعندما سيطر المماليك علي مقاليد الحكم في مصر؛ اصبحت القوافل التجارية والقوافل التي تحمل(صرة) الحرمين الشريفين وبيت المقدس والمزارات المشرفة في النجف و كربلاء العراق٠٠ تتعرض للنهب والسلب من قوات المماليك الحاكمه في مصر٠٠ مماهدد الحركة التجارية الواسعة للقوافل التي كانت تخرج من ميدان النقعه بالفاشر العاصمة عبر درب الاربعين الي مصر مهددة بالانحسار و الكساد لعدم توفر الامن الطمأنينة في الحل والترحال٠٠

وفي تلك الاونة بدات الجمهورية الفرنسية في التسابق الاروبي والتمدد الاستعَماري في افريقيا وبسط قائدها (نابليون بونابرت) سيطرته علي مصر وازال حكم المماليك؛ .

تحركت الدبلماسية السودانية فارسل السلطان (عبدالرحمن الرشيد) والذي يعرف اليوم بالمبعوث الشخصي؛ ارسل رسالة خطية من الفاشر العاصمة السودانية الي القاهرة العاصمة المصرية مخاطبا قائد الجيش الفرنسي؛( نابليون بونابرت) الذي طبقت سمعته وشهرته افاق العالم حينها؛
حملها قائد قوافل سلطنة دارفور الخبير التاجر (يوسف الجلابي – الذين يجلبون البضائع) جاء فيها :

((بسم الله الرحمن الرحيم؛؛ حبوالحمد لله رب العالمين؛
من سلطنة دارفور السلطان عبدالرحمن الرشيد؛ الي المعظم سلطان الجيش الفرنساوية؛ الف سلام؛
اما بعد؛ فنعلمكم بان خبر انتصاراتكم علي المماليك وصل الينا ؛ فتلقيناه بغاية السرور؛ وقد اخبرنا احد الافرنج الذين اعتنقوا الاسلام؛ بحسن معاملتكم للاجانب؛ فارسلنا كتابنا هذا مع خبير القافلة يوسف الجلابي؛ وكلفناه ان يؤكد لكم صدق مودتنا؛ التي نسال الله دوامها؛ ونحن نوصيكم بالخبير خيرا ؛ لتحموه هو واتباعه وعبيده؛ ولكم منا الف تحيه وسلام)) انتهت الرسالة (دار الوثائق السودانيه الخرطوم) ؛

ومن بين سطور وكلمات هذه الرساله المهمة؛ نتبصر الاتي:-
الاعتراف المتبادل بين الفاشر والقاهره؛ كعواصم دول ذات سيادة؛ تحترم وتقدر بعضها .
وجود الافرنج واعتناقهم للاسلام يعني ان الفاشر كانت عاصمة متسامحة دينيا؛ وليس بها مايعكر صفو الوافدين اليها .
اهتمام ( السلطان عبدالرحمن) برعاياه؛ خارج السلطنة وذلك بطلبه من نابليون ان يحمي المبعوث التاجر الجلابي (يوسف) واتباعه وعبيده وايضا يوضح المعاملة الانسانية كحقوق للجميع بغض النظر انهم احرارا او عبيدا .
تاكيد السلطان عبدالرحمن الرشيد لنابليون بصدق المودة ودوامها ؛ يعني عدم التآمر والخيانة لدول الجوار؛ وعدم التدخل في شؤَونها الداخلية .

المشهد الثالث رد نابليون
(12 ميسدور؛ من السنة السابعة ؛ من الجمهورية الفرنساوية سنة 1799م :-

بسم الله الرحمن الرحيم؛ لا اله الا الله؛ الي السلطان عبدالرحمن سلطان دارفور؛ تناولت كتابكم وفهمت فحواه؛ واعلموا ان قافلتكم قد وصلت ؛ في حين كنت متغيبا في بلاد الشام؛ اعاقب اعداءنا وادمرهم؛ والان طلبي اليكم؛ ان ترسلوا إلي مع
اول قافلة الفي عبد من العبيد الاشداء؛ المتجاوزين السنة السادسة عشر من العمر ؛ اذ مرادي ان ابتاعهم لنفسي ؛ والامل ان توعزوا للقافلة بسرعة القيام؛ والسير الحثيث؛ وها انا امرت من يلزم بحمايتها ووقايتها حيث تكون))

(الامضاء) (بونابرت القائد العام للجيش الفرنساوي) انتهت الرسالة؛ (دار الوثائق السودانيه الخرطوم) .

ومن بين سطور رسالة ( نابليون بونابرت) ردا علي خطاب السلطان عبدالرحمن الرشيد من الفاشر نري؛؛ :-

احترام نابليون للاسلام والمسلمين من خلال صياغة الخطابات الموجهة لهم .
مكانة سلطنه دارفور العسكريه وسيادة سلطتها بين الدول؛ اذ يطلب برجاء وليس امرا؛ قائد اكبر جيش في العالم اهم عناصر الجيوش وهو الجندي ووصفهم بالاشداء يعني ان بونابرت. له سابق معرفة بالجندي الدارفوري السوداني .

تحديد سن التجنيد يعني الالتزام بقوانين الخدمة العسكرية الدولية؛ من الفاشر والقاهرة وذلك يدل علي التواصل بالمجتمع الدولي والعالمي .

هذة العلاقات الدولية اعطت مدينة الفاشر العاصمة السلطانية اهمية ومكانة عالمية مرموقة بيَن خارطة عواصم الدول المحترمه؛ كالقاهرة وباريس وغيرها؛ منذ القرن الثامن عشر الميلادي ..

والي حلقه قادمه باذن الله
((سيدي الله ينصرك))
تحياتي

قاسم الفكي
الجمعه/ 14/فبراير/2025
الفاشر//السودان الواسع

فريق Tenews

Recent Posts

مشاورات لاستبدال العملة في الخرطوم والجزيرة عقب تشكيل الحكومة

متابعات : تي نيوز/رحاب عبدالله كشفت مصادر مصرفية مطلعة ، عن ترتيبات و مشاورات تجري…

11 ساعة ago

إخفاقات في خطاب رئيس الوزراء لتشكيل حكومة الأمل

بقلم : المهندس منال عبد اللطيف محمد بشير متابعات : تي نيوز ظللنا …منذ فترة…

11 ساعة ago

تعرف على أسماء الوزارات الجديدة في حكومة كامل ادريس

بورتسودان : تي نيوز أعلن رئيس الوزراء السوداني، د. كامل إدريس، يوم الخميس 19 يونيو…

22 ساعة ago

هروب عناصر الدعم السريع: بيع الأسلحة بأسعار زهيدة

متابعات : تي نيوز كشفت مصادر موثوقة عن قيام عناصر من الدعم السريع ببيع أسلحتهم…

22 ساعة ago

تكامل حدودي اقليمي بين السودان ومصر

متابعات : تي نيوز ـ في خطوة جديدة لتعزيز التعاون والتكامل المشترك بين السودان و…

22 ساعة ago

بنك الخرطوم يُحذر من إحتيال إلكتروني يهدد حسابات العملاء

متابعات : تي نيوز أصدر بنك الخرطوم تحذيراً مهماً لعملائه من تنامي محاولات الاحتيال المالي…

22 ساعة ago