متابعات : تي نيوز
الجزيرة أبا، هذا الاسم العظيم الذي يختزن في الذاكرة الوطنية السودانية رمزية المقاومة والصمود منذ أيام الثورة المهدية، تواجه اليوم مأساة مركبة تحمل بين طياتها معاناة إنسانية واجتماعية وسياسية.
فالجزيرة أبا التي أبهرت العالم ببطولات أبنائها في وجه الاستعمار، تقف اليوم غارقة تحت مياه النيل الأبيض، دون أن تجد من ينقذها أو ينتشلها من براثن كارثة إنسانية غير مسبوقة.
أغلقت قوات الدعم السريع خزان جبل أولياء بإحكام، في خطوة تعكس استغلال موارد الطبيعة كأداة في الحرب.
رفض هذه القوات فتح الخزان أدى إلى ارتفاع منسوب مياه النيل الأبيض بشكل غير مسبوق، مما أغرق المناطق الواقعة على ضفتيه. الجزيرة أبا، التي طالما كانت رمزًا للصمود، أصبحت اليوم تغرق من الجهتين، الشرقية والغربية.
الآثار المباشرة من الجهة الشرقية:
انهارت السدود الترابية والجسور، مما سمح للمياه بالتدفق إلى داخل الجزيرة. كانت البداية بإغراق المزارع والبساتين المطلة على النيل، ثم وصلت المياه إلى قلب الجزيرة، مدمرة المرافق الحيوية مثل المدرسة الثانوية القديمة وكلية الشريعة بجامعة الإمام المهدي، قبل أن تجتاح الأحياء السكنية كحي الطيارات.
اما من الجهة الغربية:
تجاوزت المياه حي “غار الامام المهدي” واتجهت نحو حي “الإنقاذ الغربي”، لتغمره بالكامل، بما في ذلك كلية الآداب ومدرسة السلمابي. كما اقتربت من حي “بني هلبة”، تاركة السكان في مواجهة مأساة النزوح والدمار.
مع تدفق المياه، تزايدت أعداد النازحين من المناطق المتضررة، لا سيما من منطقة الجبلين. في ظل غياب البنية التحتية الصحية، تفشى وباء الكوليرا بسرعة، حيث تجاوزت الحالات المحجوزة في المستشفى 100 حالة، مما ينذر بكارثة صحية واسعة النطاق.
المأساة الأكبر تكمن في غياب القيادة السياسية القادرة على التحرك لإنقاذ أهالي الجزيرة أبا. حزب الأمة، الذي يمثل تاريخيًا صوت الأنصار، اصبح في وضع لا يحسد عليه مما جعله عاجزًا عن تحمل مسؤولياته تجاه جماهيره في هذه اللحظة الحرجة. قياداته الحالية بعيدة عن معاناة القواعد، ولم تقدم أي خطة طوارئ لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية.
ما يحدث في الجزيرة أبا اليوم يعيد إلى الأذهان مأساة أخرى تتمثل في استخدام العنف ضد المدنيين في دارفور. فالآن يبدو أن المياه تقوم بالمهمة التي لم تستطع الأسلحة وحدها تنفيذها.
حتى هذه اللحظة، لا توجد أي جهود ملموسة من الحكومة أو المنظمات الإنسانية لاحتواء الكارثة أو تقديم المساعدة العاجلة. ومع تعاظم حجم المأساة، يظل صوت سكان الجزيرة أبا صرخة في وادٍ.
إن مأساة الجزيرة أبا ليست مجرد كارثة بيئية أو إنسانية؛ إنها انعكاس للأزمة السودانية ككل، حيث تتداخل الصراعات السياسية مع المعاناة الإنسانية لتخلق واقعًا مؤلمًا. لكن في قلب هذا الألم، يظل الأمل موجودًا في قدرة الشعب السوداني و علي انسان الجزيرة ابا العظيمة على النهوض مجددًا، تمامًا كما فعل في مرات سابقة.
الآن، المسؤولية تقع على عاتق الجميع: الحكومة، الأحزاب السياسية، والمجتمع الدولي.
فهل ستجد صرخة الجزيرة أبا أذنًا صاغية؟ أم ستظل مأساة أخرى تُضاف إلى سجل معاناة هذا الوطن الجريح؟
متابعات : تي نيوز/رحاب عبدالله كشفت مصادر مصرفية مطلعة ، عن ترتيبات و مشاورات تجري…
بقلم : المهندس منال عبد اللطيف محمد بشير متابعات : تي نيوز ظللنا …منذ فترة…
بورتسودان : تي نيوز أعلن رئيس الوزراء السوداني، د. كامل إدريس، يوم الخميس 19 يونيو…
متابعات : تي نيوز كشفت مصادر موثوقة عن قيام عناصر من الدعم السريع ببيع أسلحتهم…
متابعات : تي نيوز ـ في خطوة جديدة لتعزيز التعاون والتكامل المشترك بين السودان و…
متابعات : تي نيوز أصدر بنك الخرطوم تحذيراً مهماً لعملائه من تنامي محاولات الاحتيال المالي…