طفلة تنجو من حصار الفاشر وتكشف مأساة إنسانية صادمة للعالم

متابعات : تي نيوز

 وصلت الطفلة أشواق آدم عبدالرحمن إلى منطقة طويلة في ولاية شمال دارفور بعد رحلة محفوفة بالمخاطر هرباً من حصار الفاشر، وهي منهكة وخائفة، حافية القدمين، لا تحمل سوى ذكريات مؤلمة عن أسرتها التي فُقدت في الطريق.

أشواق، التي لم تتجاوز أعوامها الأولى، تروي أن والدها آدم عبدالرحمن، ووالدتها، وشقيقيها “أماسي” و”سخرف”، وقعوا في قبضة مليشيا الدعم السريع خلال محاولتهم الفرار بين منطقتي كفوت وكورما. وحدها تمكنت من النجاة، لتصبح شاهدة صغيرة على مأساة كبرى يعيشها أهل دارفور منذ أكثر من 500 يوم.

غرفة الطوارئ بمعسكر أبو شوك أكدت استقبال الطفلة، وأطلقت نداءً عاجلاً لكل من يملك معلومات عن أسرتها للتواصل مع مكتب الشؤون الإنسانية بمخيم دبة نايرة – طويلة، بينما يواصل المتطوعون البحث بلا توقف. إلا أن قضية الاختفاء القسري أصبحت واحدة من أخطر أدوات الحرب التي تعصف بالإقليم.

قصة أشواق ليست حالة فردية، بل تعكس واقعاً مروعاً يعيشه مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين داخل مدينة الفاشر. فعلى الرغم من صدور قرار مجلس الأمن رقم 2736 قبل أكثر من عام، والذي طالب برفع الحصار فوراً وضمان وصول المساعدات الإنسانية، إلا أن التنفيذ ظل معطلاً وسط انتهاكات مستمرة على الأرض.

المنظمات الإنسانية حذّرت مراراً من أن استمرار الحصار يفاقم من الكارثة، حيث يواجه السكان نقصاً حاداً في الغذاء والدواء، وانقطاع الخدمات الأساسية، فيما يعيش الأطفال وضعاً مأساوياً يجعلهم الأكثر عرضة للموت جوعاً أو نتيجة الأمراض.

لكن المأساة لا تقف عند حدود دارفور وحدها. فالمجتمع الدولي كثيراً ما يكتفي بإصدار بيانات الإدانة وتعداد الضحايا، بينما تُتهم قوى إقليمية ودولية بأنها تغضّ الطرف عن الانتهاكات بسبب مصالح اقتصادية واستثمارات ضخمة في مجالات العقارات والطاقة والتكنولوجيا. هذه الاتهامات تثير تساؤلات جادة حول حقيقة المواقف الدولية، وما إذا كانت المصالح التجارية تعلو على حقوق الإنسان.

إن قصة أشواق تحمل رسالة أبعد من مجرد نجاة طفلة صغيرة، فهي تذكير صارخ بأن خلف كل رقم يرد في تقارير النزاع هناك حياة تمزقت، وأن الصمت الدولي ليس مجرد غياب للموقف، بل قرار سياسي يضاعف من معاناة الأبرياء.

دارفور اليوم ليست فقط ساحة حرب، بل أيضاً اختبار حقيقي لضمير العالم: هل يبقى الأطفال رهائن لمعادلات النفوذ والمال، أم يأتي وقت تتقدم فيه إنسانيتهم على كل المصالح؟